سليمانالعيسى في خيمة الأصمعي الأصمعي في صدر الخيمة، ينشد من شعر جرير، وإلى جواره الشاعران الأمويان جرير والفرزدق." *** "حيِّ المنازلَ إِذْ لا نبتغي بدلاً" "بالدارِ داراً، ولا الجيرانِ جيرانا" "كيف التلاقي؟ ولا بالقيظِ محضَركُمْ" "منا قَريبٌ، ولا مَبْدَاكِ مبدانا" "إنّ العيون التي في طرفها حَوَرٌ" "قتلننا، ثم لم يُحيينَ قتلانا" "يصرعن ذا اللُبَّ حتى لا حراكَ به" "وهنَّ أضعفُ خلق الله أركانا" جرير: "في زهو ونشوة" أنا نسمة الليلِ التي بردتْ فتمرّغتْ بأريجها البيدُ أنا شاعرُ الأحلامِ والغَزَلِ أنا سكرةُ القُبَلِ.. الساجعاتُ بناتُ حنجرتي والكرم عندي والعناقيد الاصمعي: "يواصل الانشاد من شعر جرير" "يا حبذا جبل الريان من جبلٍ" "وحبذا ساكن الريان من كانا!" "وحبذا نفحاتٌ من يمانيةٍ" "تأتيكَ من قِبَلِ الريّانِ أحيانا" "هل يرجِعَنَّ، وليس الدهرَ مُرتجعاً" "عيشٌ بها طالما احلَولَى وما لانا؟" "أزمانَ يدعونني الشيطان من غَزَلي" وكنَّ يهوينني إذ كنتُ شيطانا" جرير: "في شيء من الأسى" سرق الكلابُ* روائعي ، سرقوا عمري، ولامتني الأغاريدُ لولا مُهارَشَةٌ شُغِلْتُ بها رقصتْ على نغمي الأماليدُ أسكرتُ صحراء الهوى غزلاً ذابتْ على نفحاتيَ الغيدُ الفرزدق: "إلى الأصمعي.. في غضب" تروي له.. وتشيحُ عني أنا بدعةُ الوترِ المُرِنّ مني قوافيه الحِسَانُ وهذه الخطراتُ مني* جرير: "محتداً" أُنفُخ بكيرِكَ لاهِثاً* واتركهُ في روضي يُغَنّي الأصمعي: "ينشد من شعر الفرزدق، وهو يبتسم للعراك الذي كان ينشب بين الشاعرين" وركبٍ كأنّ الريحَ تطلبُ عندهم" "لها تِرةً* من جذبها بالعصائبِ" "سروا يخبطونَ الليل وهي تَلُفُّهُم" "على شُعبِ الأكوارِ* من كل جانبِ" "إذا ما رأوا ناراً يقولونَ: ليتها" - وقد خصرتْ* أيديهم - نار غالبِ*". الفرزدق: "متشامخاً" هذا شراعي لاعباً بالريح يرتجل المناقبْ جدي زرارهُ، والمجرّة بيت صعصعةٍ وغالِبْ إلى جرير: من أنتَ؟ لا أصلٌ رسا بين الأصولِ ولا ذوائبْ "إنّ الذي سمكَ السماء"* بنى السماء لنا مضارِبْ "يزداد انتفاخاً وزهواً" أنا سيد الكلماتِ تشـ ـرُدُ في المشارقِ والمغاربْ أعتى شياطين القريضِ على بنانيَ.. جرير: "مقاطعاً" أنت كاذبْ.. الموبقاتُ جميع زادكَ.. الأصمعي: "متضايقاً" لا شجار، ولا شتائمْ أوَ ما انتهينا؟ الشاعر: دعهما يتهارشانْ! يحيا بصوتهما المكانْ يمتدُّ في الأبدِ الزمانْ ما العمرُ؟ ما التاريخُ؟ ما الدنيا؟ بلا قيثار حالمْ الأصمعي: مرّ الزمانُ على زُرَارةَ ساخراً ومضى به الحدثانْ ماذا أضافَ إلى الحياةِ سبابُنا ماذا أضاءَ وَزَانْ؟ العبقريةُ.. لم تهبنا ريشها لنطير في الأدْران.. إلى الشاعر: من أنت؟ لم ألمحك في الندواتِ.. لم أعرفك قبلُ الشاعر: "مبتسماً" لا بأسَ.. نحن على الزمانِ عشيرةٌ أبداً.. وأهلُ الأصمعي: "مواصلاً حديثه السابق" السابقانِ المُلْهمانْ قد أطعما للّغْوِ أروَعَ ما يجودُ به البيان تركا ينابيعَ الجمال إلى نُفَاياتِ اللسان جرير والفرزدق: "بصوت واحد" عِشْتُم على أشعارنا وبياننا عشتم على كلماتنا العطِراتِ تتسابقون إلى ضفافِ كُؤُوسنا كي تنغَبوا من فضْلِنا نَغَباتِ أنتمْ رواةَ الشعرِ بعضُ نتاجِنا بعضُ الذيولِ عَلِقْنَ بالحِبَرَاتِ* شهرزاد: "تدخل فجأة" طبتم مساءً! الجميع: "يتجهون بأنظارهم إليها" وطابتْ زهرةُ النادي! شهرزاد" "في لهجة تأنيب" ضاعتْ قوافِلُنا .. واستسلم الحادي ماتت قصائدنا في ألفِ عاصفةٍ هبّتْ على أرضِنا، في ألفِ ميلادِ جرير والفرزدق: ماذا تُريدين؟ شهرزاد: قوما من سباتكما وحدِّقا في جبين الشمس، في الأُفقِ العائدون من الأفلاكِ في شُغُلٍ عنا.. عن القفصِ المهجور في نَفَقِ الأصمعي: "متهلل الوجه" هذا الذي طافَ في رأسي.. شهرزاد: مصيبتنا أنَّا رقدنا على حُلْمٍ.. ولم نُفِقِ الشاعر: "هامساً" أقبلتِ في الموعدِ يا شهرزاد يا موسم العطر إلى الزهر عاد تحجّر الأجدادُ في كهفهمْ نحن ضحايا الكهف، نحن الرُّقادْ الأصمعي: "للشاعر" على لساني أنتَ.. الشاعر: لم نختلفْ إليكَ نادتني السنون البعادْ الأصمعي: آمنتُ بالفنِّ .. مصابيحُهُ في كلّ فجرٍ ثورةٌ واتّقادْ غَنّيْتُ ما يبقى.. وما هزّني من كل ما استظهرْتُ إلا الجيادْ شهرزاد: لولا ليالينا.. انطوى ذكرهم نحن حفظنا الكنزَ من كلِّ عادْ الأصمعي: "لشهرزاد" صديقتي.. عنكِ أخذنا الرُّؤى منكِ تعلّمنا عطاءَ السُّهَادْ ندوتُنا ظِلُّكِ.. أنَّى ارتمى ونحنُ أبناءُ الصَّدى المُستَعادْ جرير: "للفرزدق" رائعةٌ كالصُّبْحِ.. الفرزدق: "لزميله" لا خَوْلَةٌ.. ولا نَوَارٌ جرير: تستثيرُ الجمادْ يا أمَّ عُثمان*. لهذا الصبا لهذه الفتنةِ يُلقى القِيَادْ يعتصرُ لاشاعر الحانهُ يذوبُ إثر الظاعنينَ الفؤادْ الفرزدق: "متمتماً" يا جسداً لو ملكتهُ يدي نقعتُ منه غُلَّ حَرَّانَ صادْ الشاعر: "لنفسه" يا شرثنا المسكينْ.. على مدى الدهر وكرِّ السنينْ يعيشُ في لحمِ امرأةْ يموتُ في لحمِ امرأةْ خيالُهُ، وعقلُهُ الحزينْ قد صُلِبَا في جسدِ امرأةْ في لحمِ أُنثى صُلِبَ الحنينْ والشعرُ والتَّفَجُّرُ الدفينْ على مدى الدهرِ، وكَرِّ السنينْ يا شرقنا المُكّبَّلَ المسكينْ؟ شهرزاد: "لاصمعي" ماذا يقول الليل؟ ماذا تقول أيامك الغرّ.. ذوات الحجول*؟ الأصمعي: لم يبقَ في الكوبِ سوى قطرةٍ أقمارنا الخضر طواها الأفولْ الشاعر: "مقاطعا" شرارةً من عصرنا جئتُكم لِنُشْعِلَ التاريخَ.. الأصمعي: دربٌ يطولْ حُلْمٌ يهونُ العمرُ من أجلهِ أن يُشعلَ التاريخُ.. حُلْمٌ يهولْ عِظامُنا بارِدةٌ في الثّرى فلا تُطيلوا المُكْثَ فوق الطُّلولْ شهرزاد: لا تيأسوا.. الأصمعي: لا تُرْهِقُوا ظهركم بنا.. دعوا الموتى.. دعونا نزولْ الشاعر: "في تصميم" سَنُشْعِلُ التاريخَ.. شهرزاد: لا تيأسوا! الأصمعي: ولا تُطِيلُوا المُكْثَ فوق الطلُّولْ!